كيف يكون هناك ملائكة يعلمون الناس السحر كما ذكر في سورة البقرة
كيف يكون هناك ملائكة يعلمون الناس السحر كما ذكر في سورة البقرة
ويذكرون روايات إسرائيلية كثيرة جدًّا لا يُبنى عليها حكم، هؤلاء هم الذين قالوا: إنهم ملائكة.
ومن أهل العلم من قال: إنهم ملائكة، والمعصية تتصور من الملائكة، ولكنها بتكلف، وإنما سجيتهم الطاعة، كما أن البشر يأتون الطاعة تكلفاً، فالملائكة عكس ذلك، وهذا قول قال به بعض الناس، ولكنه قول باطل.
وبعض العلماء قال: إن هؤلاء ملائكة ولكن الله أنزلهم ليفصل الأمر ويحصل الفرقان، أي فرقان؟
قالوا: انتشر السحر في ذلك الوقت انتشاراً كبيراً، وصار السحرة والكهنة يُلبسون على الناس ويقولون: هذا الذي يأتي به الأنبياء من خبر السماء نحن عندنا منه طرف، فيأتون لهم بالأمور الغيبية عن طريق استراق السمع، فجاء هؤلاء الملائكة وصاروا يعلمون الناس السحر ليعرف الناس الفرق بين السحر وبين الوحي، ولكن هذا القول فيه نظر، إذ إن الله قال: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة:102]، فهذه الأقوال الثلاثة كلها ترجع إلى شيء واحد، وهو أن هؤلاء من الملائكة.
القول الآخر: أن هذين الملكَيْن هما قبيلان من الجن كما جاء ذلك عن ابن عباس، وهنا لا إشكال الجن يقع منهم الكفر.
ومنهم من قال: إن هؤلاء من البشر، وهؤلاء طائفة منهم قالوا: المقصود بالملَكيْن هي لغة بالملِكيْن، الملوك يقال: ملِكيْن وملَكيْن، ملِك وملَك، الملِك من ملوك الدنيا، وقالوا: المقصود بهما سليمان وداود ﷺ، ما المعنى؟
المعنى أن اليهود اتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان، يعني: على عهد سليمان من السحر، وما كفر سليمان، سليمان بريء من هذا كله، ولكن الشياطين كفروا، يعلمون الناس السحر، ثم وماذا؟ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ [البقرة:102]، إذا قلنا: إنهما داود وسليمان تكون "ما" نافية، الشياطين يعلمون الناس السحر، من هم الشياطين؟ هاروت وماروت، متأخر، يكون المعنى هكذا: يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102]، ثم تقف، وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ [البقرة:102]، ما أُنزل السحر، "ما" نافية لم يُنزل السحر على الملَكين، يعني: الملِكين اللذيْن هم داود وسليمان أو ملِكين من ملوك الدنيا، أو حتى على القول بأنهم من الملائكة نفى عنهم هذا لم يُنزل السحر عليهم، وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ ثم قال: هَارُوتَ وَمَارُوتَ [البقرة:102]، يرجع إلى الشياطين، ولكن الشياطين هاروت وماروت كفروا، يعلمون الناس السحر الذي لم يُنزل على الملكين ببابل، هكذا المعنى، وهذا القول بأن "ما" نافية وأنه لم يُنزل على الملكين سواء كان الملائكة.