الإثنين 25 نوفمبر 2024

رواية صړخة على الطريق  بقلم ډفنا عمر

انت في الصفحة 24 من 31 صفحات

موقع أيام نيوز

عندك بلاش تسكت كده..
رفع بصره لأخيه بعد أن عاد من سكرة الذكري البعيدة وبصوت شديد الوهن راح يقص ما لديه منذ يوم اختفاء ريحانة حتي اكتشاف مۏتها هي وطفله في الحاډث المروع ورغم أن ما قصه يؤكد مۏت طفله وزوجته وان احتمالية أن جسار ليس ابنه.. 
إلا أن للحقيقة دائما وجه أخر ولكي يظهر وجهها يجب أن تكتمل الصورة وهذا ما تطوع به الجد نادر مع قوله الحاسم
_ دلوقت دوري اقول اللي اعرفه.. 
ثم نظر لأمين بنظرة غامضة و شرع يفيض باسترساله وكلما توغل بما لديه كلما جحظت عين الأول وشحبت مثل المۏتى بينما التقط رضوان أنفاسه الهاربة.. فهذا يعني أن طفل أخيه أمين نجي من حاډث الحافلة المحترقة وهو ذاته زوج ابنته.. جسار هو ابن شقيقه الذي ظنوا ۏفاته وهو جنين بتلك الخواطر المتوالية بذهن رضوان راح يهتف بحماس
_ أمين.. جسار ابنك.. أيوة جسار ابنك أنا متأكد..
اتضاح الحقيقة بعد ما قاله الجد نادر ضخت الأمل والقوة في عروق أمين فنهض يمسك بشقيقه كمن يتعلق بقشة تنجيه من الڠرق ليه متأكد يا رضوان أنه الني.. قول اللي تعرفه أرجوك وريح قلب اخوك.. 
فاض عليه بما يعرفه لأن جسار عنده حساسية الألبان اللي كانت عند ريحانة مراتك بالظبط ودي حاجة وراثية عشان كده جسار ورثها من أمه الله يرحمها وكما بيستخدم ايده الشمال في كل حاجة اكل وكتابة واي شئ زيك انت يا أمين وزي ولادي ريان وحمزة اللي ورثوها منك هما كمان.. طباعه في نوعية الأكل اللي بيحبه.. وتعبيرات كتير في وشه كنت بحس اني شايفك انت قدامي ويستغرب من الروح اللي بحسها فيه منك انت.. اختلاطي بيه بجد جوازه من لنتي خلاني لاحظت كل الحاجات اللي بيشبهك فيها وكنت بقول لنفسي صدفة.. صدقني جسار ابنك يا أمين ابنك ومن صلبك.
صار ېصرخ رضوان بأخيه
انه أبنه والأخر مذهولا لا يصدق ان طفله نجي وعاد إليه بعد سنوات طوال..
الجد نادر متدخلا بانفعال مماثل يبقي لازم في اسرع وقت انتوا الاتنين تعملوا تحليل Dna قبل ما تقابلوا جسار.. مش هسمح انه يتعلق بأمل كاذب لازم انا شخصيا أتأكد انكم أهله قبل ما يعرف الحقيقة.
قرار حسمه الجد بينهما وبالفعل أخد منهما شعرتان وتوجه على الفور لأخذ عينة من جسار دون علمه لعمل الإجراء اللازم.. 
أسبوع كامل مر على شمس وهي غائبة بعالم أخر لا تدري عن ما يدور حولها ترقد بمشفي لمتابعة حالتها الصحية وطرف أنبوب شفاف مغروز بذراعها لبتدفق بعروقها الغذاء.. 
وجسار ماكث جوارها لا يفارقها ليل نهار..أما والدتها مفطورة لما أصاب ابنتها والتي تعلم بعض أسبابه فقط.. وهو جنين مشوة تكتم الجد والأب والعم عن تلك القصة التي دارت بين ثلاثتهم حتي صدور نتيجة تحليل ال Dna..وجسار ذاته لا يعلم عنه.. 
أما أمين الذي ينتظر نتيجة التحليل بلهفة صار يرصد كل شاردة تصدر عن جسار..يراقب كل مايفعل وهو يراه بعين أخرى عن زي قبل.. يسراه

التي يستخدمها في قضاء شئونه مثله تماما..نفس طريقة سيره.. شعره الأسود الناعم تماما گ شعر والداته ريحانة. شكل حاجبيها المميز.. رسمة عيناه التي تشبهها كذلك.. حساسية الألبان خاصتها..كلما تعمق بتفحصه يجد تشابه ما بينه وبينهما.. قلبه صار متيقن من أنه ابنه هو.. وانتظاره التحليل ليس ليتأكد هو.. بل لأجل جسار كي يصدق هو الأخر انه أبيه..حينها سيعانقه عناق جارف يشتاقه حد الۏجع.
_ التحليل هيطلع امتى يا دكتور نادر
قالها أمين هامسا وهو يقترب من الجد لينظر له بإجهاد بكره هستلمه يا أمين بيه.. 
تنهد الأخير مع قوله أنا خلاص يا دكتور متأكد انه ابني..لكن عايزه هو اللي يتأكد ويصدق اني أبوه.. 
نظر له الجد وشبح الفقد يلوح له بذراعيه وحانت فصول النهاية أن تكتمل ليعود كل شيء لاصله..
هو لم يعد الآن جد لجسار..
لقد فقد حفيدة قطعة روحه وقلبه. 
مجرد أن يعلم من هو أبيه ومن هم أهله سينساه ويختلط بهم ويعوض ما فاته.. سينزوي بعيدا ويتركه متنعم بدفء أسرة حقيقية ينتمي إليها..فليكن معه الله حينها..
_ مافيش داعي لوجودكم وتعبكم علي الفاضي..أنا موجود مع شمس وانتم ارجوا بيوتكم ارتاحوا..
هكذا هتف جسار على الجميع بتلك الكلمات وشحوب وجهه تضاعف مع سواد عيناه من قلة نومه وحزنه.. فاقترب أمين ورمقه بنظرة حانية وقال مش هسيبك هفضل معاك..
تعجب جسار ونظرة أمين له بدت غريبة عليه لكنه تغاضي عن تحليل معناها وقال برسمية واضحة شكرا يا أمين بيه بس مش مستاهلة بإذن الله يومين وتفوق مراتي وهاخدها علي البيت انتم بقالكم اسبوع معانا وتعبتم..ثم تقدم نحو جده وقال برفق وهو يربت علي كتفه كفاية كده ياجدي انت مش حمل الپهدلة دي وأنا خاېف عليك أوي.. ارجع بيتك وارتاح عشان خاطري وانا لو احتاجت أي حاجة مش هكلم حد غيرك يا حبيبي. ده وعد...
غيرة قاسېة نهشت قلب أمين وهو يري أبنه يستنجد بغيره ويحدثه بهذا الحب والحنان وينتابه القلق عليه.. 
غيرة لم تخفي عن عين جده نادر فسخر داخله من المفارقة العجيبة قريبا جدا ستتبدل الأدوار ويقف هو بعيدا عن حفيده يراقب عناقه لأبيه..
أحاط وجهه براحتيه وغمغم بحنان متخافش عليا يا ابني أنا بخير ومش هسيبك غير لما مراتك تفوق. 
بتلقائية مال رأس جسار علي كتف جده والحزن يتملكه بشدة..كأنه يتلمس تلك الجرعة القصيرة من حنان من رباه ليصمد امام ما يحدث.. 
وعلي الجانب الأخر ېحترق أمين لوعة لمثل هذا العناق.. متي يعلم أنه أبيه وأحق بمشاعره وحنانه وبره وعطفه هو أبيه وكل ما لديه هو رائحة زوجته الراحلة.
شعر بمن يمسك ذراعه گ مؤازارة ليجد رضوان يبادله النظرات الكاشفة لدواخله.. كأنه يقول له صبرا. 
______
_ لسه شمس زي ماهي يا سارة 
غمغمت الأخيرة بحزن عبر الهاتف للأسف يا أدم زي ما هي غايبة عن الوعي أغلب الوقت.. صعبانة عليا أوي.. وكمان جسار مسكين هيتجنن عشانها.. ومامتها وعمو رضوان وبابا كلنا مش مصدقين اللي بيحصل بعد ماكانت الفرحة مش سايعانا فجأة اتلقبت لحزن. 
_ معلش يا سارة ده قضاء ربنا وبإذن الله يعوضهم بطفل جديد معافى.. 
_ معرفش ليه يا
أدم حاسة ان الموضوع أكبر من فقد الطفل.. نظرات بابا وعمو وجد جسار كمان مش طبيعية..كأنهم مخبين حاجة.. 
_ هيخبوا ايه أكتر من كده بيتهيئلك.. المهم ياحبيبتي امسكي نفسك شوية أنا خاېف عليكي وزعلان عشانك..
_ متخافش يا أدم وادعيلنا كلنا تمر المحڼة علي خير وشمس ترجع لوعيها وتتقبل الأمر.. 
_ هتعدي بإذن الله.
_ طيب هسيبك واروح اطمن علي شمس وهكلمك تاني.. 
_ ماشي حبيبتي منتظرك. 

ذهب معه للمختبر لا يطيق صبرا للأنتظار ليعلم النتيجة ومعه رضوان..مكث يترقب ظهوره ليهب من مقعده بعد أن بصره يغادر الغرفة التي اختفى بها.. 
_ طمني يا دكتور نادر النتيجة ايه جسار طلع ابني صح 
تجرع الجد ريقه وهو يرمقه من خلف زجاج نظارته قبل أن يغمغم أخيرا صح يا سيد أمين.. جسار أبنك.
تنفس رضوان الصعداء وهواجسه المخيفة ټموت في مهدها بينما أمين كادت قدماه تتهاوي به ليسنده بفزع امسك نفسك يا اخويا!
_ طلع ابني يا رضوان.. كنت حاسس انه ابني..ابن ريحانة نجى ورجعلي بعد سنين طويلة.. جسار ابني. 
صار أمين يهذي وشقيقه يبكي فرحا لنجاة ابن أخيه.. ليستطرد الأول بلهفة عايز اشوفه.. لازم يعرف اني ابوه ويترمي في أنا.. نفسي احضنه واشم فيه روح ريحانة الله يرحمها. 
_ طب اهدي وخلينا نفكر في طريقة مناسبة نعرفه بيها ماتنساش الولد غرقان في حزنه عشان بنتي.
_ لأ مش هصبر هروح اخده في وبعدها يجي وقت الكلام. 
_ اسمحولي انا اتصرف واجيبلكم جسار في مكان مناسب للقاء زي ده..لأن ماينفعش حد غريب يحضره.
وذهب الجد ليستدعي جسار ويمهد له الحقيقة وليهون عليه الله ألم الفراق. 
الفصل السادس عشر
القلوب لا تنتظر صك هوية لتعبر المسافات لمن تحب.
سلطانها نافذ أينما حلت لها عيون ترى وذراع يحتوي.
لا تخطئ طريقها مهما تراكمت أسباب الضلال.
............
انقلب عالمه رأسا على عقب

صرخات قلبه العجوز تشبه صړخة صغيره حين تلقفه بين يديه قطعة لحم حمراء لا حول له ولا قوة تمزق وشاح الحقيقة عن وجهه وتجلت خبايا ماضيه هو ذاته من سيخط بدموعه كلمة النهاية من نبع مقلتيه الذابلة سيخبر جسار أنه لم يعد مجهول الهوية جذوره اضحت شجرة عريقة النسب تثير الفخر لم يعد مصدر أمانه و فخره الوحيد قريبا جدا سيصبح ذكرى بعالم صغيره سينتمي لغيره فقد كل الحق به ويا ۏجع روحه على هكذا فقد سيدعوه للحضور وليكن الله في عونه حين تحين ساعة الفراق. 
_________
لا يعرف لما أصر جده أن يقابلته في الفيلا..وعلى مضض ترك زوجته لرعاية والدتها وسارة متوجها إليه.
_ عمي رضوان و أمين بيه هنا
اطلق جسار دهشته من رؤيتهما فور دخوله وغمغم أنا مش فاهم حاجة ياجماعة احنا ليه متجمعين هنا بالذات فهمني في ايه ياجدي! 
تقدم نحوه الأخير وهو يحدجه بنظرة غريبة لا تخلو من الحزن العميق انا استدعيتك عشان هنا بدأت الحكاية وهنا مكتوب تنتهي يا ابني..ضياعك وحزنك ووحدتك خلاص آن الأوان ينتهوا.. جذورك اللي كنت بتدور عليها اتشال عنها الغبار ورعرت فوق الأرض تاني و هتديك حياة جديدة وبداية تعوضك اللي فات.
كلمات جده الغامضة أشعلت فضوله وحيرته أكثر.. دارت عيناه بين الجميع ليجد من أعينهم دموع صامتة تنهمر دون سبب.. 
_ مش كان نفسك تلاقي أهلك و تعرف مين والدك يا جسار
أهله!
والده!
عقله يدور بفلك خواطره الخاطفة 
بركانه الخامد اشټعل من جديد.
أين عائلته!
من أبيه 
له أشقاء أعمام واولاد عمومة 
عشرات الأسئلة تدوي برأسه دون رحمة
لينتفض بغتة لخاطر فرض منطقيته بقوة.
أيعقل أن من النقطه عقله صحيح!
_ آن الأوان تعرف مين هما أهلك يا ابني.
هنا انتبهت كل حواسه مع حديث جده..بدأ عقله يعمل بسرعة غير عادية ويحل الخيوط من عقدها..وكلمات بعينها تعود وتدوي بخاطره!
في تطابق كبير في الجينات ما بينكم.
التطابق ده مايحصلش غير لسببين
أولهم وأقواهم إنكم تكونوا أقارب.
بصوت الطبيب انسابت في دهاليز عقله..
تنقلت حدقتاه بين أمين ورضوان وجده يغمغم 
أنا عملت ليكم انتم التلاتة تحليل. Dna.. والنتيجة أكدت مين أبوك..وممكن ببساطة اقولك حالا النتيجة رجحت كفة مين فيهم وأثبت نسبك.. بس انا عايزك أنت اللي تحدد بإحساسك اللي عمره ماخذلك مين فيهم أبوك ومين عمك خلي قلبك يدلك علي اللي جيت من صلبه يا جسار.
حملق بجده في ذهول شديد كأنه يتلمس منه يقينا
يثبت أنه لا يحلم وأنه بالفعل يقف أمام أبيه في حيز محيطه ولا يفصلهما شيء بإيماءة ونظرة حانية كنانه جده أنه يحيا واقعا لا يقبل الكذب شعور ضخ بروح جسار قوة وتقدم نحوهما ودموعه تنهمر دون إرادة وجسده يرتعد من فرط ما هو مقدم عليه.. جال بينهما مليا ودون شعور دنى من أمين وامتدت يده المرتجفة يتحسس وجه
23  24  25 

انت في الصفحة 24 من 31 صفحات